العنصرية والنفخ في الريح

بقلم مختار الدبابي أيار 25, 2023 58

العنصرية والنفخ في الريح


العنصرية هي ثقافة كراهية الآخر بمختلف ما يتعلق به، كراهية اللون، العرق، اللغة، الدين. وهي تراكم تاريخي لا يمكن محوه بالتصريحات والإجراءات العقابية حتى لو كانت مشددة.

العنصرية تتوسع في أوروبا
ما قيمة أن ينفخ الواحد منا تجاه الريح. النفخة الصغيرة المتقطعة، والتي لا تستمر ثواني معدودة، هل تؤثر في الريح. بالطبع لا.

هذا ما يحصل مع موجة الغضب العالمية على استهداف اللاعب البرازيلي فينيسيوس جينيور بإساءات عنصرية خلال لقاء بين فريقي ريال مدريد وفالنسيا الإسبانيين في ملعب ميستايا الأحد الماضي.

من السهل أن تصدر بيانات وتصريحات لكبار شخصيات الفيفا والمدربين واللاعبين تدين الإساءات العنصرية، لكن ذلك سيظل مثل النفخ في الريح لا يُرى منه شيء على أرض الواقع. البيانات والتصريحات تنشر وتبث في الإعلام وتؤخذ صور أصحابها مع اللاعب المتضرر، لكنها لا تغير شيئا.

العنصرية ليست سلوكا محدودا يمكن القضاء عليه بتوقيف ثلاثة أو سبعة أشخاص وسجنهم، أو منع بعض المشجعين من حضور مباريات كرة القدم لفترات طويلة.. هذه إجراءات ظرفية للتغطية على حقيقة العنصرية بعزلها في جوانب إجرائية.

العنصرية هي ثقافة كراهية الآخر بمختلف ما يتعلق به، كراهية اللون، العرق، اللغة، الدين. وهي تراكم تاريخي لا يمكن محوه بالتصريحات والإجراءات العقابية حتى لو كانت مشددة.

ليست الرياضة سوى واجهة من واجهات كثيرة تبرز فيها العنصرية بشكل فج وبدأ العالم يطبّع معها، حتى أن حكم “الفار” في لقاء مدريد وفالنسيا لم ير ولم يسمع تفاصيل استهداف اللاعب البرازيلي، وحين رد فينيسيوس الفعل طلب حكم الميدان وطلب طرد اللاعب من الميدان، أي معاقبة المتضرر على ردة فعله الغاضبة من الإهانات التي لحقت به.

منذ أيام بصق لاعب تركي على لاعب مصري كان يسجد تعبيرا منه عن فرحه بتسجيل هدف. لم تأخذ الحادثة نفس الزخم الذي أخذه استهداف فينيسيوس لفوارق تتعلق بشهرة اللاعب وفريقه والتغطية التلفزيونية. لكنهما يلتقيان عند نقطة واحدة، وهي أن العنصرية تتوسع في أوروبا ضد الآخرين القادمين من الجنوب.

بالتأكيد، فإن زيادة هذه الموجة من الإساءات ترتبط بصعود اليمين في الغرب، وهو صعود يأتي في جانب منه كردة فعل على صعود التطرف بين الجالية المسلمة في الغرب، أي تطرف ردا على تطرف وصراع بين هوية محلية تدافع عن نفسها وحرية وافدة تريد أن تضع يدها على حرية الآخرين وتطبق عليهم أحكامها ومعاييرها باسم المقدس.

ولا تقف العنصرية عند الغرب، فهي سمة عامة ضد المختلف، وتكفي الإشارة إلى ما يتعرض له اللاجئون الأفارقة من إهانات واعتداءات في مناطق العبور بدول شمال أفريقيا. وهناك تقارير دولية تؤكد هذا وهي إن كانت تربطه بالسياسة، فهو في الحقيقة نابع من عقدة استعلاء اللون والدين.

مختار الدبابي

كاتب وصحافي تونسي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه