انتخابات العراق بين الأحزاب التقليدية وكسر التوافق

بقلم محمد حسن الساعدي أيلول/سبتمبر 19, 2023 42

انتخابات العراق بين الأحزاب التقليدية وكسر التوافق


السؤال الذي يدور في ذهن المواطن العراقي هو: هل من الممكن أن تنشأ معارضة برلمانية حقيقية في العراق، خاصة في ضوء انتخاب العديد من النواب المستقلين وصعود الأحزاب الناشئة؟
ماذا سيحدث إذا هُزمت الأحزاب القائمة في العراق؟
منذ عام 2005 عندما تشكلّت أول حكومة في البلاد، وهي تحمل سمة التوافقية، وأصبحت سمة تتسم بها كل الحكومات المتعاقبة. وعلى الرغم من تشكيل هذه الحكومات إلا أنها لم تستطع أن تلبي طموحات العراقيين، وظلت تراوح مكانها دون تقديم أي مشروع خدمي يمكنه التخفيف عن كاهل المواطن العراقي وجعله يلمس التغيير المنشود.

وفي بداية أطول عملية تشكيل حكومة في العراق في تشرين الأول – أكتوبر 2021 كان أحد الأسئلة الرئيسية التي دارت في أذهان الجميع هو: هل ستحكم العراق أول حكومة أغلبية؟

ورغم محاولات بعض القوى السياسية تشكيل تحالف ثلاثي إلا أنها لم تفلح، ما اضطر التيار الصدري إلى الاعتراف في نهاية المطاف بالهزيمة من خلال دعوة نوابه إلى الاستقالة، وكانت النتيجة هي تشكيل حكومة توافقية أخرى حيث تقاسمت جميع الأحزاب السياسية التقليدية الغنائم، باستثناء التيار الصدري الذي اختار الاعتزال والخروج من الساحة السياسية، ولكن بقي محتفظاً بمناصبه في الحكومات المتعاقبة.

السؤال الآخر الذي يدور في ذهن المواطن العراقي هو: هل من الممكن أن تنشأ معارضة برلمانية حقيقية في العراق في ضوء انتخاب العديد من النواب المستقلين وصعود الأحزاب الناشئة؟

◙ رغم محاولات بعض القوى السياسية تشكيل تحالف ثلاثي إلا أنها لم تفلح، ما اضطر التيار الصدري إلى الاعتراف في نهاية المطاف بالهزيمة من خلال دعوة نوابه إلى الاستقالة، وكانت النتيجة هي تشكيل حكومة توافقية أخرى

إن توفير البيئة الانتخابية الملائمة وتوحيد الأحزاب الناشئة وزيادة نسبة المشاركة يمكن أن تساهم في جعل المعارضة الهادفة حقيقة واقعة، وهو أمر ضروري لمواجهة الأحزاب الكبيرة والسيطرة على المشهد السياسي في العراق، كما أن “المعارضة الجديدة” لا تمثل حتى الآن تهديداً لأحزاب السلطة في البلاد.

أعتقد، كما يرى أغلب المراقبين، أن من الأفضل في الوقت الحاضر ومن الأسهل التعامل مع الأحزاب السياسية الجديدة وفسح المجال لها لممارسة دورها الحقيقي في التعبير عن مواقفها السياسية أو المشاركة في الانتخابات القادمة، لأنها لا تمتلك القاعدة الانتخابية اللازمة لتحدي قاعدة قوة الأحزاب القائمة حالياً.

ويبقى التساؤل المنطقي: ماذا سيحدث إذا تمت هزيمة الأحزاب القائمة حقاً، أو تم تحديها في صناديق الاقتراع؟

غير معروف أو مؤكد ما هي نقطة التحول التي ستجذبهم إلى القوة الكاملة؟ حتى وإن جاءت تلك اللحظة، ما هي الأدوات السياسية التي سيلجأون إليها؟

كما يتعين على الأحزاب السياسية الجديدة أن تكون أفضل تنظيماً فيما بينها حتى تتمكن من العمل على إيجاد معارضة برلمانية، وهذا يتطلب أن تضع مشتركات ورؤية موحدة تجتمع عليها. كما من الممكن أن تنشأ معارضة برلمانية في العراق إذا توفرت البيئة السلمية والآمنة قبل الانتخابات، وتوحيد جهود القوائم والدخول بقائمة موحدة أكثر إحكاماً وانضباطاً، الأمر الذي يتطلب بذل جهود مشتركة من جانب المجتمع المدني العراقي إلى جانب الجهات الفاعلة الدولية (مثل الأمم المتحدة)، بالإضافة إلى زيادة المشاركة الفاعلة في الانتخابات، خصوصاً أن عدد غير الناخبين في العراق أكبر من عدد الناخبين. وإذا أمكن إقناع هؤلاء المنكفئين عن المشاركة الانتخابية بالتصويت لصالح الأحزاب السياسية الجديدة والمرشحين المستقلين، فمن الممكن الفوز بعدد كبير من المقاعد البرلمانية بل وحتى بالأغلبية.
محمد حسن الساعدي
كاتب عراقي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه