العراق، نزاع وتناحر وكسر إرادات!

بقلم محمد واني أيلول/سبتمبر 26, 2023 65

العراق، نزاع وتناحر وكسر إرادات!


السنّة متفرقون أحزابا وجماعات ورغم تعرضهم لأبشع أنواع الحرب الطائفية فإنهم مازالوا متناحرين لا يجمعهم جامع، وحدّث عن الكرد ولا حرج فهم مختلفون في كل شيء وعلى كل شيء.
ازدواجية الهدف أربكت السياسة الكردية
الانتصار الذي أحرزته القوى الشيعية وفصائلها على الأحزاب السنية والكردية كان ساحقا وهائلا بكل المقاييس. ورغم الانشقاقات السياسية التي اعترت صفوفها وكادت تعصف بها في فترات متفاوتة، فإنها قد استطاعت لملمة شتاتها ونبذ خلافاتها التي تطفو على السطح بين حين وآخر، من خلال المايسترو الإيراني الذي مكنها من الاستمرار في الحكم والهيمنة على مفاصل الدولة وإدارة شؤونها لمدة 20 عاما، ولولا الفاعل الإيراني القوي في إدارة شؤون هذه الطبقة الشيعية الحاكمة وتوجیهها وتنظيم صفوفها لما استطاعت أن تستمر في الحكم هذه المدة الطويلة.

الاختلاف السياسي والديني الكبير موجود داخل الطبقة الشيعية الحاكمة، كما في صفوف الأحزاب الكردية والسنية، ولكن بفارق أن الانشقاق في الحالة الشيعية يتم داخل البيت الشيعي ولن يخرج منه، وإن خرج فسرعان ما يُسَيطَر عليه ویوقف تصعیده، والمنشق الشيعي قد يخالف حزبه في بعض توجيهاته أو يتمرد على سياسة زعيمه ولكن في حدود ضيقة لا تتعدى بعض الاجتهادات السياسية و”المرجعية” العابرة، ليبقى الهدف الأساسي الذي يجمع الكل في إطار تحالف إستراتيجي واحدا لا يتغير. مهما كانت اختلافات مقتدى الصدر مع نوري المالكي والإطار التنسيقي كبيرة وشاسعة في النهاية يجمعهم هدف واحد وهو استمرار الحكم الشيعي في العراق.

وإن اقتضت المصلحة المذهبية انسحاب الصدر من العملية السياسية برمتها، رغم اكتساحه لمقاعد البرلمان وفوزه في الانتخابات، فإنه سينسحب دون النظر إلى مصالح حزبية وشخصية. فهو لم يأبه بتحالفه الثلاثي مع السنة والكرد وضرب بكل الاتفاقات المبرمة معهما عرض الحائط وانسحب بكل أريحية، وترك الجمل بما حمل لإخوانه الإطاريين أحزابا وفصائل وميليشيات، رغم معرفته التامة من خلال تجاربهم الطويلة في الحكم، أنهم لا يصلحون لإدارة العراق الذي سيتحول في ظل سياستهم البائسة إلى خراب يحيط به الشقاء من كل جانب، ولكنه آثرهم على نفسه وعلى جمهوره وعلى مصلحة الشعب. وعادت عقارب الساعة إلى الوراء وبدأ الفساد والجهل والتبعية تحكم البلاد مرة أخرى.

◙ الاختلاف السياسي والديني الكبير موجود داخل الطبقة الشيعية الحاكمة، كما في صفوف الأحزاب الكردية والسنية، ولكن بفارق أن الانشقاق في الحالة الشيعية يتم داخل البيت الشيعي ولن يخرج منه

وهكذا شرعت الأحزاب الشيعية في تولي مؤسسات الدولة بأدق تفاصيلها ومفاصلها بشكل جماعي كالبنيان المرصوص. ربما يخرج حزب عن الإجماع – لزوم الدور – ولكن لا أحد يتعدى الخطوط الحمراء.

لم نر إلى حد الآن منشقا شيعيا خرج عن الإجماع ليوالي الكرد أو السنّة ويعمل معهما ضد طائفته كما دأب هذان المكونان على فعله. يوجد عند السنة والكرد “سنّة المالكي” و”كرد المالكي” ولكن لا يوجد شيء اسمه “شيعة الحلبوسي” أو “شيعة بارزاني”!

السنة متفرقون أحزابا وجماعات، كل واحدة منها تشرب دم الأخرى، ورغم تعرضهم لأبشع أنواع الحرب الطائفية، وقتل عدد لا يحصى منهم، فإنهم مازالوا متشرذمين متناحرين لا يجمعهم جامع. وحدّث عن الكرد ولا حرج، فهم مختلفون في كل شيء وعلى كل شيء. يختلفون حتى في مفهومهم للوطنية، كل واحد من الحزبين الرئيسيين “الديمقراطي” و”الوطني” الكردستانيين اللذين يديران إقليم كردستان له رؤية خاصة للوطن وعلاقته مع العراق.

فبينما يرى الأول، أي الديمقراطي الكردستاني، أن الاستقلال والانفصال عن العراق هما الحل الأمثل بعد أن استحال التعايش معه وقد جرب الكرد كل الحلول الدستورية والسياسية ليدفعوا بغداد إلى الالتزام بالدستور ولكن دون جدوى، يعتمد الثاني (الوطني الكردستاني) سياسة التقارب والتعايش مع بغداد مهما أبدت من عدوان سافر على الشعب الكردي ومارست سياسة التجويع ضده ضاربة بمواد الدستور عرض الحائط.

هذه الازدواجية في الهدف والإستراتيجية أربكت السياسة الكردية وكادت تقضي على إقليم كردستان وتنهي تجربته إلى الأبد.

محمد واني
كاتب كردي عراقي

قيم الموضوع
(0 أصوات)

صحيفه الحدث

Facebook TwitterGoogle BookmarksLinkedin
Pin It
Designed and Powered By ENANA.COM

© 2018 جميع الحقوق محفوظه لوكاله الحدث الاخباريه